التسويق السياسي له علاقة وثيقة بالانتخابات الأمريكية ونجاح أوباما الافتراضي

0

مع بداية الانتخابات البرلمانية المصرية لعام 2015 كان واضحاً أن كثيراً من المرشحين وظفوا مواقع التواصل الاجتماعي في الدعاية لأنفسهم، وهي مسألة راحت تزحف تدريجيا على مختلف الاستحقاقات الانتخابية في دول العالم قاطبة، بعد أن ثبتت حجتيها في الانتخابات الرئاسية الأمريكي.
وتوجد عديد من رسائل الدكتوراه التي كان عنوانها "التسويق السياسي لباراك أوباما في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام  2008"
وبعد تناول دراسة تحليلية لعينة من الصحف الأمريكية توصلوا إلى صور يبين أن أسلوب الدعاية الذي اتبعته حملة أوباما قبل أن يصل إلى البيت الأبيض عام 2008 يعد تطوراً فارقاً في "التسويق السياسي" أو على حد ما ورد نصا في الأطروحة: "مثل وصول أوباما إلى الرئاسة منعطفاً جديداً في السياسة الأمريكية من جهة ولعلم التسويق السياسي من جهة أخرى"
والدراسات تنطلق من ان التسويق السياسي له علاقة وثيقة بالانتخابات الأمريكية، لأن الولايات المتحدة صاحب الريادة في الترويج للمنتج السياسي، وهنا يقول الباحث "فاز باراك أوباما بمقعد الرئيس الرابع والأربعين في تاريخ الولايات المتحدة، وهو أول أسود يتولى المنصب، كما جاء من جذور إفريقية إسلامية، ومثل العرق الأسود والجذور الإسلامية عائقان في طريق مستقبله السياسي، فبعد هزيمته في أول انتخابات يخوضها للكونغرس عام 2000، كان هناك طرح بضرورة تغيير اسمه ذي الأصول الإسلامية، حتى يتجنب غضب الأمريكيين على المسلمين، لكن كان هناك محالة لتنفيذ ذلك لأنه قد عرف به، ومن ثم كان أعضاء حملته أمام تحد كبير بتقديم منتج سياسي يتمثل في أوباما نفسه، يقبل عليه المستهلك السياسي الأمريكي، وبالمثل ما يحمله أوباما من منتجات سياسية تتمثل في وعود وحلول للمشكلات يحتاجها الناخب الأمريكي، وعير وسائل تسويقية ملائمة، وبثمن مقبول، إضافة إلى اتباعه أساليب دعائية ساعدت على ترويج المنتجات السياسية الموجهة للأسواق، وكذلك تقنيات جديدة ارتبطت بالاعتماد على وسائل الإعلام الجديد ومواقع التواصل الاجتماعي".
ومن البداية كانت الصحف الأمريكية تنشر مواد صحفية تخص وعود أوباما الموجهة للناخب الأمريكي الموزع على أسواق عرقية ومهنية وعمرية متنوعة، وتحمل المضمون الصحفي منتجات سياسية منها ما ارتبط بشخصية أوباما نفسه كمنتج بحد ذاته. وبنهاية السباق حصد أوباما 388 صوتًا من أصوات المجمع الانتخابي الأمريكي مقابل 155 فقط لمنافسه جون ماكين
وانطلقت بعض الدراسات من تساؤلات محددة منها: ما هي شرائح السوق الانتخابية التي وجهت إليها حملة أوباما منتجاتها السياسية؟ وما هي الفنون الصحفية المستخدمة لعرض المضمون التسويقي لأوباما في بعض الصحف الأمريكية؟ وما هي الأساليب والتقنيات الدعائية التي استخدمتها الحملة في المزيج التسويقي لمرشحها و نشرتها الصحف؟ وما هي عناصر العلامة التجارية لأوباما خلال فترة الانتخابات؟ وما هو مضمون المنتجات السياسية الذي تم تسويقه سياسيا للناخبين؟ وماذا عن استخدام وسائل الإعلام الجديدة؟ وما الدور الذي لعبته في حسم الأمور لصالح أوباما؟
وفي تحليله لمعطيات بعض الدراسات من بيانات ورصد لأساليب الدعاية وعرض للمواد الصحفية استعمل بعض الباحثين "نظرية الخيار العام" التي تنشغل بكيفية اتخاذ الجمهور قراراته وصنعها، وكذلك تفاعل جمهور الناخبين والسياسيين والبيروقراطية ولجان العمل السياسي، وهي النظرية التي تستخدم في تحليل رغبات الناس عند دخولهم الأسوق للشراء، بما ينفع في تحليل رغباتهم عند اتخاذ القرار، لاسيما المتعلقة بالانتخابات. ووفق هذا المنهج يبين بعض الباحثين كيف وعد أوباما الناخبين بفوائد ذاتية من القرارات والسياسات التي سيتنهجها حين يصل إلى البيت الأبيض، وكيف كون مجموعات صغيرة من الناخبين تشكل أقليات تصويتية تجمعها مصالح محددة، وكيف وظف المنتج السياسي المستمد من قوة أمريكا في المجال الدولي من أجل جذب الناخب .
هذه أطروحة علمية مهمة لكل اللاعبين أو الممارسين السياسيين، لأنها تجيب لهم باستفاضة وجلاء على سؤال قديم يتجدد: كيف وصل أوباما إلى البيت الأبيض؟ وفي ثنايا الإجابة تكمن الاستفادة من طرائق الدعاية وأساليبها في أكثر وسائلها جدة وجدية، وتصاغ رسالة بليغة تؤكد أن الاستخفاف بــ "الأبنية السيبرية" التي يسكنها مدشنو الصفحات على "تويتر" و"فيس بوك" وأخواتهما لم يعد عملاً مقبولاً، لاسيما أن ثورة يناير مثلاً برهنت على إمكانية الانتقال من العالم الافتراضي إلى الواقع المفروض بسهولة ويسر.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © معلومات ثقافية

تصميم الورشه